في ذاكرة الفن اللبناني، تبرز حكايات كثيرة عن الحب والصراع والإبداع، لكن القليل منها يترك أثرًا دائمًا كالذي تركته قصة دلال كرم وزياد الرحباني.

لم تكن مجرد علاقة بين صحافية وفنان، بل فصلًا مشحونًا بالتحدي، والتمرد، والانكسار، تحوّل إلى جزء من التاريخ الثقافي اللبناني.

من هي دلال كرم؟
دلال كرم هي صحافية لبنانية عرفت طريقها إلى الشهرة من بوابة الفن، بعد ارتباطها العاطفي والفني بالعبقري زياد الرحباني في أواخر السبعينيات. لم تكن مجرد زوجة عابرة في حياة زياد، بل شكّلت نقطة تحول بارزة في مسيرته الشخصية والفنية. ورغم اعتراض والديه، السيدة فيروز والمؤلف والملحن عاصي الرحباني، أصرّ زياد على الزواج منها، لتبدأ فصول قصة غير تقليدية، انتهت بطلاق مدوٍ وقضية نسب شغلت الرأي العام اللبناني طويلاً.

لقاء مصيري خلف كواليس المسرح
بدأت العلاقة بين الثنائي عام 1975 خلال التحضيرات لمسرحية "ميس الريم". في كواليس العمل، التقى زياد، الفنان المشاكس، بالصحافية اليافعة دلال، التي كانت تبلغ من العمر آنذاك 22 عامًا. سرعان ما تحوّل الإعجاب إلى حب، أعقبه زواج، رغم معارضة عائلته، ما أضفى على العلاقة طابعًا دراميًا عاكسًا لروحهما الثائرة.

زواج غير مستقر وبدايات الشقاق
الحياة الزوجية بين دلال وزياد لم تكن سهلة، بل واجهت مشاكل لها علاقة باختلاف الطبع والانشغال الدائم لزياد بالموسيقى والسياسة. التوترات تفاقمت، وبدأت الخلافات تعصف بالعلاقة. وعلى الرغم من الإنجاب وولادة طفل أطلق عليه زياد اسم "عاصي"، فإن الأمور لم تهدأ، بل ازدادت تعقيدًا، خصوصًا عندما تحوّل هذا الاسم لاحقًا إلى محور أزمة قانونية كبيرة.

رسائل من الحب إلى العتاب
زياد الرحباني عبّر عن مشاعره تجاه دلال بطرق مختلفة، من أبرزها الرسائل التي كتبها لها، والتي امتزج فيها الحب بالتهكم والمرارة. في إحدى رسائله الساخرة كتب: "ديري بالك ع حالك لأنك حمارة.. حمارة كبيرة.. بس ما تخلي حدا يعرف"، وفي رسالة أخرى قال: "كل مرة بيتهرب من التفكير فيك، بيلاقيك وجهًا لوجه". رسائل كانت مرآة لعلاقة معقدة لم تخضع لقواعد العشق التقليدية.

قضية النسب التي صدمت الجميع
في عام 2008، فجّر زياد الرحباني واحدة من أكبر مفاجآت الوسط الفني اللبناني، عندما طلب شطب اسم "عاصي" من سجلات نسبه، مستندًا إلى نتيجة فحص DNA الذي أثبت أنه ليس والده البيولوجي. القضية سبّبت صدمة للجمهور، خصوصًا بعدما أنكر الابن وجود الفحص من أساسه، واتهم زياد بالتخلي عنه منذ سنوات الطفولة.

رد دلال كرم: مواجهة على الورق
بعد الطلاق، خرجت دلال عن صمتها، لترد على زياد بسلسلة مقالات نشرتها، اتهمته فيها بالإهمال والخيانة ومحاولة السيطرة. أما زياد، فاختار الرد على طريقته الخاصة، عبر الأغاني، فأطلق "مربى الدلال" و"بصراحة"، محمّلتين برسائل لاذعة لا تخلو من العتاب والسخرية.